هل اضطراب الشخصية نوع واحد؟

هل اضطراب الشخصية نوع واحد؟
يناير 19, 2021

هل سمعت من قبل عن اضطرابات الشخصية؟ ترى ما هي أسبابها؟ وما هي أنواعها؟ وما هي الوسائل المناسبة لعلاج الشخص المصاب باضطراب في شخصيته؟ إن كنت مهتماً باﻷمر تابع معنا المقال اﻵتي.

المحتوى

كيف تتكون الشخصية؟

تعد شخصية الإنسان مزيجاً ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎر وﺍﻟﻌﻮﺍﻃﻒ وﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت ﺍﻟﺘﻲ تميزه عن اﻵخرين، وتحدد الطريقة التي يرى فيها العالم الخارجي والشكل الذي ينظر به لنفسه وﺗﺘﺸﻜﻞ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺃﺛﻨﺎء مرحلة ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ متأثرةً بالعوامل اﻵتية:

  • العوامل الجينية: تلعب الوراثة دوراً فعالاً في تكوين شخصية الفرد فقد ﻳﻨﺘﻘﻞ إليه من الوالدين ﺳﻤﺎت ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ عن طريق الجينات الموروثة، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن مزاج اﻹنسان يتشكل بالوراثة.
  • البيئة الاجتماعية: وتتضمن ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ الذي ﻧﺸﺄ فيه الفرد، وﺍﻷﺣﺪﺍث ﺍﻟﺘﻲ مر بها في حياته، وﺍﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﻊ ﺃﻓﺮﺍد اﻷسرة وﻏﻴﺮﻫﻢ، بحيث يلعب الوسط الاجتماعي دوراً مهماً في تكوين شخصية اﻹنسان فكل فرد يعيش حياة مختلفة عن اﻵخر وهذا ما يبرر اختلاف الشخصية من إنسان ﻵخر. ولكن ماهو اضطراب الشخصية؟ وكيف يحدث؟

ما المقصود باضطراب الشخصية؟

يقصد باضطراب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ الاضطراب العقلي النفسي الذي يؤثر في ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ وﺍﻟﺸﻌﻮر واﻟﺘﺼﺮف فينجم عنه ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ من ﺍﻟﺴﻤﺎت ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ وﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ التي تجعل ﺍﻟﺸﺨﺺ المصاب به مختلفاً عن اﻵخرين بشكل ينحرف عن اﻷعراف والتوقعات الاجتماعية.

وﻳﻌﺎﻧﻲ ﺍﻷﺷﺨﺎص ﺍﻟﻤﺼﺎﺑﻮن ﺑﺎﺿﻄﺮﺍب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺎت ﻓﻲ اﻹدراك وﺍﻟﻌﺎطﻔﺔ والأداء ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﺃو ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ الانفعالات مما يسبب العديد من المشاكل مع أسرهم والعمل والوسط الاجتماعي، وتشير الدراسات إلى ﺗﺸﺨﻴﺺ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎت ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ لدى ما يقارب 40-60٪ من ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﻴﻦ، ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ من أكثر اﻷمراض النفسية شيوعاً.

كيف يحدث اضطراب الشخصية؟

  • ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ لاضطرابات ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوف، إلا أن الدراسات البحثية تشير إلى مجموعة من العوامل من الممكن أن تشكل خطراً على شخصية اﻹنسان، وهي:
  • ﺍﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻲ ﻻﺿﻄﺮﺍﺑﺎت ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍض ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ: فالفرد الذي ينحدر من عائلة تعاني من اضطرابات عقلية أو نفسية أكثر عرضةً من غيره للإصابة باضطراب في الشخصية.
  • الوسط الاجتماعي: فالشخص الذي مر بتجارب قاسية في حياته كالنشوء في أسرة مفككة أو عانى من أزمات شديدة كفقدان أحد الوالدين أكثر عرضةً من غيره للإصابة باضطرابات في الشخصية.
  • العوامل الوراثية والبيئية معاً: تشير بعض الدراسات إلى أن تضافر العوامل البيئية والجينية يسبب اضطراباً في الشخصية فقد تساعد جينات الفرد على إصابته باضطراب الشخصية كما أن أسلوب الحياة التي عاشها والتجارب الصعبة التي مر بها تزيد من احتمالية اﻹصابة أيضاً.
  • اضطراب السلوك منذ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ: فالفرد الذي عانى مسبقاً من اضطرابات سلوكية في مرحلة الطفولة مؤهل بشكل أكبر لينشأ مصاباً باضطراب في الشخصية.
  • ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﻓﻲ ﻛﻴﻤﻴﺎء ﺍﻟﺪﻣﺎغ وﺑﻨﻴﺘﻪ: تذهب بعض اﻷبحاث إلى أن اختلاف تركيبة الدماغ وكهرباء المخ هو أحد العوامل المهمة لحدوث اضطراب الشخصية.

هل اضطراب الشخصية نوع واحد؟

تتعدد أنواع الاضطرابات التي تصيب الشخصية، وتقسم إلى اﻵتي:

  • اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع: يعاني المصاب بهذا النوع من التمرد على اﻷعراف واﻷوضاع الاجتماعية السائدة بالشكل الذي يتجاهل فيه المصاب أو ينتهك حقوق وآراء اﻵخرين، فقد ﻳﻜﺬب ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻜرر ﺃو يخادع أو ﻗﺪ ﻳﺘﺼﺮف باندفاع.
  • ﺍﺿﻄﺮاب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ التجنبية: ويعاني المصاب به ﻣﻦ ﺍﻟﺨجل ﺍﻟﺸﺪيد وﺍﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ المفرطة وعدم القدرة على تقبل النقد والرغبة في العزلة وعدم القدرة على الاندماج اجتماعياً أو تكوين علاقات جديدة.
  • اضطراب الشخصية الحاد: ويعاني المصاب به من عدم الاستقرار ﻓﻲ العلاقات ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، وﺍﻟﻤﺸﺎعر الجياشة والتعلق الشديد، وضعف ﺍﻟﺼﻮرة ﺍﻟﺬﺍﺗية وﺍﻻﻧﺪﻓاع، وعدم القدرة على تقبل فكرة التخلي عنه ما يدفعه للغضب الشديد ومحاولة الانتحار.
  • ﺍضطراب ﺍﻟﺸﺨﺼية الاتكالي: يحتاج المصاب بهذا النوع إلى ﺍﻟﻌﻨﺎية المستمرة مع عدم القدرة على اتخاذ القرارات الشخصية، ويدفعه للبقاء بشكل منفرد للشعور بالضعف الشديد والخوف والعجز.
  • ﺍﺿﻄراب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻬﺴﺘﻴﺮﻳﺔ: يعاني المصاب بهذا النوع من ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎم بشكل دائم مما يدفعه إلى استخدام المظهر ﺍﻟﺠسدي ﻟﻠفت ﺍﻻﻧﺘﺒﺎه مع مشاعر بعدم الراحة والغيرة عند غياب التقدير.
  • ﺍﺿﻄﺮاب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ النرجسية: يعاني ﺍﻟﻤصاب ﺑﺎﺿﻄراب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ من ﺷﻌﻮر ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ الذات، أو اﻹحساس بالتفوق على اﻵخرين واﻹعجاب الدائم بالنفس.
  • ﺍﺿﻄﺮاب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻮﺳﻮﺍﺳﻴﺔ: يعاني المصاب في هذا النوع من البحث الدائم عن الكمال فيركز ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔرط ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻيل أو ﻳﻌمل ﺑﺸكل ﻣﻔرط دون راحة مع عدم الاستقامة الشديدة وعدم المرونة في التعامل.
  • ﺍﺿﻄﺮاب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ الشكاكة: يعاني المصاب بهذه الحالة ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻚ المفرط ﻓﻲ كل ما حوله ويفترض غالباً بأن اﻵخرين سيؤذونه أو سيغدرون به.
  • ﺍﺿﻄﺮﺍب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻻﻧﻌﺰﺍﻟﻴﺔ: يفضل المصاب بهذا النوع من الاضطرابات ﺍﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎت ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ والعزلة فلا يهتم ﻋﺎدة بإقامة علاقات وثيقة مع اﻵخرين ولا يتأثر بنقدهم أو ثنائهم عليه.
  • ﺍﺿﻄﺮاب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍلفصامية: يعاني ﺍﻟشخص ﺍﻟﻤﺼاب ﺑﺎﺿﻄﺮاب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺼﺎﻣﻴﺔ من ﻣﻌﺘﻘﺪﺍت ﻏﺮﻳﺒﺔ أو ﺳﻠﻮك أو ﻛﻼم مريب أو ﻗﺪ يكون ﻟﺪﻳﻪ قلق ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ مفرط، ولاسيما في العلاقات العاطفية.

ما هي اﻷعراض المرافقة لاضطراب الشخصية؟

ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻷعراض المرافقة لاضطراب الشخصية باختلاف نوع الاضطراب، ومع ذلك تشترك معظم اﻷنواع السابقة في تغير في نمط السلوك.

مما يؤثر بشكل كبير على حياة المصاب الاجتماعية وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻳﻤﻴﻞ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺼﺎب ﺑﺎﺿﻄﺮﺍب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ الحادة إلى السلوك الاندفاعي مما يهدد استقرار علاقاته مع المحيط.

وعادةً ﻣﺎ يعاني ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺼﺎب ﺑﺎﺿﻄﺮﺍب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ من عدم التحكم ﻓﻲ ﻏﻀﺒﻪ مع العدوانية واستخدام العنف وإلقاء اللوم على اﻵخرين في مشاكل حياته ما يبعد الناس عنه.

كما يبالغ المصاب باضطراب الشخصية النرجسية في اﻹعجاب بنفسه ما يدفع الغير لوصفه بالغرور وعدم التعامل معه.

كيف يتم تشخيص اضطراب الشخصية؟

يتطلب ﺗﺸﺨﻴﺺ ﺍﺿﻄﺮﺍب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اللجوء إلى ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻲ ﺻﺤﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ للبحث ﻓﻲ أنماط اﻷداء وﺍﻷﻋراض على المدى الطويل، وعادةً ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻓﺮﺍد بعد بلوغ سن الرشد أي 18 عاماً أو أكثر ،وﻳﺘﻀﻤﻦ التشخيص البحث عن انحراف واضح في السلوك مع خلل إحدى ﺍﻟﻤﺠﺎﻻت اﻵتية:

  • ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ يتصور بها الشخص نفسه.
  • الطريقة التي ينظر بها للأشخاص اﻵخرين.
  • طريقة تفسير اﻷحداث.
  • طريقة التصرف العاطفية.
  • إمكانية ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ الدوافع.

وتزداد صعوبة التشخيص في الحالات التي تتداخل فيها اﻷعراض المرافقة مع اضطرابات أخرى كتناول المخدرات والكحول، وما يزيد من تعقيد المسألة أن الشخص المصاب باضطراب الشخصية لا يشعر غالباً بأنه يعاني من أيّ مشكلة أو خلل بل يعتقد بأنه يتصرف على النحو الصحيح.

كيف يعالج المصاب باضطراب الشخصية؟

تتعدد الطرق المستخدمة في علاج اضطرابات الشخصية، وتنقسم للطرق اﻵتية:

  • العالج النفسي الفردي: ويعد أبرز العلاجات المستخدمة ولاسيما العلاج بالكلام فيتحدث المصاب إلى المعالج للحصول على ﻓﻬﻢ ﺃﻓﻀﻞ ﻷﻓﻜﺎره وﻣﺸﺎﻋﺮه وسلوكياته ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ التي تهمه، فيحدد ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺞ الاستراتيجية الملائمة ﻟﺤﻞ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼت، ويساعد المريض على تغيير مواقفه وآرائه.
  • العلاج النفسي الجماعي: عن طريق المجتمعات ﺍﻟﻌﻼﺟﻴﺔ‏(TCs‏) وﻫﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻳﺰورﻫﺎ المصاب ﺃو ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﻜﺜﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼج بشكل جماعي.
  • العلاج الدوائي: ﻳﻤﻜﻦ وصف بعض اﻷدوية ﻟﻌﻼج الأعراض المرتبطة ﺑﺎﺿﻄﺮﺍب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، كمضادات ﺍﻻﻛﺘﺌﺎب ومثبتات الحالة المزاجية ومضادات الذهان.

ما هي النصائح الموصى بها لمرضى اضطراب الشخصية؟

ترافق اضطرابات الشخصية المصاب بها لسنوات أو شهور في أثناء العلاج، ولذلك فلا بد للمريض وعائلته من اتباع النصائح اﻵتية:

  • ضرورة تناول اﻷدوية الموصوفة من الطبيب بانتظام وفي مواعيدها.
  • الالتزام بمواعيد جلسات العلاج النفسي وعدم الغياب عنها.
  • اتباع نمط حياة متوازن كالنوم بشكل كافي وتناول اﻷغذية الصحية.
  • الابتعاد عن التدخين والمخدرات والمشروبات الكحولية.
  • ممارسة التمارين الرياضية لتحسين صحة الجسم وتنشيطه.
  • ممارسة اﻷنشطة المسلية التي يفضلها المريض لتحسين مزاجه.
  • الدعم النفسي والعاطفي من أسرته ومحيطه.